وجّه المجلس المصري الأوروبي في اجتماعه أمس برئاسة رجل الأعمال محمد أبو العينين رئيس المجلس التحية للقوات المسلحة ورجال الشرطة على تضحياتهم وجهودهم لحفظ الأمن وتطبيق القانون، محيياً أرواح شهداء الوطن من الشرطة والجيش، والذين قدموا أرواحهم الغالية فداءً لوطنهم، ووقف الأعضاء دقيقة حداد تحية لهم وقرأوا الفاتحة ترحمًا عليهم.
وعبر المجلس عن بالغ حزنه وأسفه لسقوط ضحايا من المدنيين خلال الأحداث الأخيرة، نتيجة انعدام المسئولية لمن وضعوهم في موضع مواجهة الدولة ومخالفة القانون، موجها خالص العزاء لأسرهم.
شارك في الاجتماع سفراء روسيا الاتحادية والمجر والأردن ود. علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق وعدد من السفراء الأوروبيين والسياسيين والمثقفين ورجال الأعمال أعضاء المجلس.
وأكد رجل الأعمال محمد أبو العينين أن مجلس الأعمال المصري الأوروبي يرحب بالتطورات التي تشهدها مصر في أعقاب الثورة الشعبية في 30 يونيو، والتي شارك فيها أكثر من 30 مليون مصري، الذين أبهروا العالم بسلميتهم وحضارتهم ورسموا فيها خريطة طريق للمستقبل أعلنتها القوات المسلحة بالاتفاق مع القوى السياسية وأعادوا فيها مصر لكل المصريين.
وأشار أبو العينين إلى أن خريطة الطريق تسير بجدية وتنفيذ أمين لإرادة الشعب المصري، فبدأت باختيار رئيس جمهورية مؤقت وحكومة كفاءات ومحافظين، وأعقبها انتهاء لجنة العشرة من التعديلات الدستورية والتي قدمتها للجنة الخمسين التي تشكلت من جميع فئات الشعب.
وأوضح أن تأكد العالم من التزام وجدية الحكومة في تنفيذ خريطة الطريق وجهود وزارة الخارجية في شرح حقيقة الأوضاع في مصر ساهمت في تغيير مواقف العديد من دول العالم والدول الأوروبية، والتي تبنت مواقف خاطئة في البداية نتيجة التأثر بالنقل غير الأمين وغير المهني لبعض وسائل الإعلام الغربية والتي تجاهلت ما يحدث من إرهاب وتدمير وتخريب.
وأشار أبو العينين إلى أنه تحدث مع كثير من الأوروبيين على المستوى الحكومي والبرلماني وكان لديهم تصورات خاطئة حول الوضع في مصر لكن وزارة الخارجية نجحت في تصحيح هذا التصور.
ووجه رئيس مجلس الأعمال رسالة للاتحاد الأوروبي طالبه بدعم ومساندة مصر بصورة جادة، مشيراً إلى أن تصدي مصر للإرهاب في سيناء لا تدافع به عن أمنها فقط وإنما عن أمن الشرق الأوسط وأوروبا، مؤكداً أن الإرهابيين في سيناء لهم ارتباطات بتنظيم القاعدة في العالم، وأن هذه الجماعات إذا تمكنت في مصر لن تهددها فقط وإنما ستهدد المنطقة والعالم بأسره.
وأكد أن مصر هي محور الاستقرار في المنطقة والتي أصبحت تشهد فوضى في العديد من دولها، موضحاً أنه إذا انهار الاستقرار فيها فسينهار في المنطقة وأوروبا ومن ثم فإن الدعم الأوروبي لمصر هو استثمار في أمن واستقرار أوروبا حاليًا ومستقبلاً.
وقال أبو العينين إن الاتحاد الأوروبي مطالب ليس بالحفاظ على المستوى الحالي من العلاقات الاقتصادية مع مصر وإنما بتدعيمها، مشيرًا إلى أن دعم الاقتصاد المصري هو أكبر دعم للديمقراطية، وانها لن تزدهر إلا في وضع اقتصادي مستقر، مؤكداً أن فشل الملف الاقتصادي من أحد أهم أسباب سقوط نظام مرسى، ما أدى لثورة الشعب عليه، وهو ما لا نريده أن يتكرر.
وطالب أبو العينين دول الاتحاد الأوروبي بتشجيع مستثمريها للاستثمار في مصر وفتح أسواقها للإنتاج وإلغاء حظر سفر السياح الأوروبيين للبلاد، موجهاً رسالة للحكومة بأن تقدم مبادرات غير تقليدية لجذب الاستثمارات العربية والأوروبية من خلال طرح مشروعات محددة على الاستثمار وطرح قوانين جديدة مشجعة للاستثمار وحوافز غير تقليدية تقول للمستثمر استثمر اليوم واستفد من هذه الحوافز التي لن تكون متاحة غدًا، بما يخلق رواجاً وأوكازيون استثمارياً يتنافس فيه المستثمرون على ضخ استثماراتهم الآن.
كما وجه أبو العينين نداءً إلى البنوك بأن تساند المشروعات الجادة وتعمل على تعويم المشروعات المتعثرة سواء الصناعية أو السياحية، موضحًا أن البنوك اليوم خائفة وحذرة في تقديم تمويل للمشروعات الجديدة، وأشار إلى أن هذه البنوك حققت مكاسب كبيرة في الفترة الماضية وعليها أن تستمر في مساندة الاقتصاد في هذه الظروف الصعبة.
وقال إن توحد الشعب مع مؤسسات الدولة من قوات مسلحة وشرطة وقضاء وإعلام من شأنه الانتصار على المخطط الذي يسعى لإضعاف مصر وإشاعة الفوضى فيها والذي يتم بتحريض ومشاركة العديد من الدول الخارجية.
وقدم أبو العينين باسم المجلس المصري الأوروبي التحية لموقف الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومة المملكة العربية السعودية والذي سخّر كل إمكانات المملكة الاقتصادية والسياسية لدعم موقف مصر على الساحة الدولية ودعم اقتصادها ما أسهم في تغيير الموقف الدولي وساعد على تخفيف الضغوط على الاقتصاد المصري، كما وجه الشكر إلى الإمارات العربية والكويت والبحرين والعديد من الدول على دعمها لمصر ومساندتها لثورتها.
كما وجّه أبو العينين التحية للموقف الروسي الذي ساند ثورة 30 يونيو منذ يومها الأول، بالإضافة إلى تصديه لمخطط تدويل الأزمة في مصر عندما طُرحت على مجلس الأمن.
وقال أبو العينين إن ما أكد عليه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، نائب أول رئيس الوزراء ووزير الدفاع من أن مصر تتسع للجميع هو رسالة إلى قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء، أو لم يرتكبوا جرائم يعاقب عليها القانون، أن يعودوا إلى أحضان بلدهم، مؤكدًا أن لديهم فرصة للعودة للاندماج في المجتمع وفي الحياة السياسية. محذرًا من أن العناد سيواجه بحسم من الدولة، وهو الأمر الذي قد يُولّد عنفاً وعنفاً مضاداً، وسيؤدي إلى الدمار والخسارة للجميع، وسيكونون أكبر الخاسرين من هذا الوضع لأنهم سيُنبذون من المجتمع، مضيفاً أن من أخطأ وأجرم يحاسب بالقانون، أما غيرهم فالباب مفتوح للعودة.
وبشأن العملية العسكرية المحتملة على سوريا، قال أبو العينين إن المجلس المصري الأوروبي يدين استخدام الأسلحة الكيماوية أيًا كان مستخدمها، لكنه في نفس الوقت يرفض أي استخدام للقوة المسلحة ضد سوريا محذرًا من أن نموذج العراق سوف يتكرر وأن الاعتداء على سوريا عسكريًا سيؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش وانهيار الدولة ذاتها وتأجيج الحرب الأهلية والطائفية ويجعل من سوريا مرتعًا خصبًا للجماعات الإرهابية التي ستهدد ليس فقط المنطقة وإنما العالم، وقال إن الاعتداء على سوريا قد يستتبعه رد من حزب الله وإيران مما يدخل المنطقة في حرب إقليمية واسعة محذرًا من أنه لا يمكن أن نعالج خطأ استخدام الأسلحة الكيماوية إذا أثبتت الأمم المتحدة صحة ذلك بخطأ أكبر سيوقع أعداد كثيرة من الضحايا من المدنيين الأبرياء.
وطالب بمحاكمة من يثبت استخدامه للسلاح الكيماوي كمجرم حرب مشيدًا بموقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في رفضه لشن عدوان على سوريا وكذا ببيان بابا الفاتيكان الذي دعا العالم المسيحي للصلاة يوم السبت القادم من أجل السلام في سوريا ورفض استخدام القوة العسكرية ضدها.
وأكد د. علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق خطأ مصر عندما لم توضح حقيقة ما حدث في 30 يونيو بسرعة للعالم مما جعل بعض الدول تتسرع باعتبار ما حدث انقلاب عسكري وأضاف أنه كان على هيئة الاستعلامات منذ اليوم الأول أن تعقد مؤتمر صحفي يومي للمراسلين الأجانب لشرح حقيقة وتطور الوضع في مصر لكي ينقلوا الحقيقة لدولهم، موضحًا أن الهيئة قامت بذلك فعلاً لكن متأخرًا مما أدى إلى تغير مواقف الاتحاد الأوروبي لاحقا.
وحدد د. علي لطفي خطايا النظام السابق في معاداة القضاء وحصار المحكمة الدستورية بالإضافة إلى معاداة المثقفين ومحاولة أخونة وزارة الثقافة، ومعاداة الشرطة ومحاولة استخدامها لقمع المتظاهرين كما حدث عندما أمر الشرطة بضرب المتظاهرين أمام الاتحادية، بالإضافة إلى منعه للقوات المسلحة من هدم الأنفاق التي استخدمت لتهريب السلع المصرية إلى غزة وتهريب الأسلحة إلى الأراضي المصرية، فضلاً عن إصداره قرارات بالعفو عن المجرمين والقتلة، وأخيرًا اعتدائه على الدستور الذي أقسم على احترامه.
واقترح د/ علي لطفي تشكيل وفد شعبي من المجلس المصري الأوروبي للسفر لأوروبا لشرح الأوضاع للمسئولين هناك، والتأكيد على أن ما حدث هو ثورة شعبية، وشرح خطايا نظام مرسي.
وأكد السفير محمود كارم، سفير مصر السابق ببلجيكا وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الموقف الذي صدر عن الدول الأوروبية في بداية الأحداث كان ناتجًا عن التقارير التي تصدر عن السفارات الأوروبية في مصر، وطالب كل من له تعامل مع هذه السفارات بالاتصال بها والتأثير على تقاريرها بما يوضح حقيقة الأوضاع للدول الأوروبية.
وأشار كارم إلى أن على مصر أن تؤكد للاتحاد الأوروبي أن المعونات التي تحصل عليها تحقق منافع متبادلة للطرفين، وأن تغاضي الدول الأوروبية عن اتخاذ موقف تجاه قرارات بعض الشركات الأوروبية الفردية بتعليق التعاون مع مصر سيؤدى إلى اتخاذ مصر والشركات المصرية قرارات على المستوى التجاري تجاه الاتحاد الأوروبي.
وتساءل عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان: كيف يمنع الأوربيون تصدير الأسلحة لمصر في الوقت الذي تحارب مصر في سيناء نفس العدو الذي يحاربه الاتحاد الأوروبي في أفغانستان وهو الإرهاب؟
وأوضح السفير محمود كارم أن التشكيل الجديد لمجلس حقوق الإنسان يبعث برسالة مهمة أن الدولة لا ترغب في إقصاء أحد لأن المجلس يضم في عضويته أربع شخصيات من التيارات الإسلامية، مما يؤكد أن أي تيار معتدل لم تلوث يده بالدماء مرحب به للمشاركة السياسية.
وتساءل المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية الأسبق، كيف نفسر المواقف الأولى للدول الأوروبية مما يحدث في مصر، إذا كانت السفارات الأوروبية تعلم كل ما يجري في مصر، وأخطاء نظام مرسي، ما هي مصالح أوروبا لتبني هذه المواقف إذا كانت تعرف حقيقة ما كان يجري؟
وأشار إلى أن أحد التفسيرات أن الأوروبيين دعموا الإخوان و”صرفوا” عليهم، ثم فجأة وجودهم خارج المشهد، وبالتالي هم حريصون ومستمرون في دعمهم ومحاولة إعادتهم للساحة. وطالب الولايات المتحدة بالإجابة على سؤال: هل منحت الإخوان 8 مليارات دولار مقابل صفقة في سيناء؟
مشيرًا إلى أنه نشرت منذ أيام قائمة بالمبالغ التي منحت من أمريكا للإخوان ولمنظمات المجتمع المدني من أجل زعزعة الاستقرار في مصر والإطاحة بنظام مبارك بالطريقة التي حدثت بها، حيث فقدت مصر منذ 25 يناير استقرارها.
وكشف حسين عن أنه عقد في ألمانيا اجتماع بين رؤساء أجهزة مخابرات أمريكا وألمانيا وبريطانيا، وتم الاتفاق فيها على تشويه صورة مصر وزعزعة الاستقرار فيها. وقال إن الأوروبيين “ربـوا” الإخوان، ولهذا جاءوا لزيارتهم في السجون، بينما مبارك الذي لم يستطيعوا التأثير عليه لم يحرصوا أو يطلبوا زيارته.
وتساءل: لماذا قامت “آشتون” و”ماكين” بزيارة خيرت الشاطر في السجن رغم أنه لم يكن مسئولاً أو وزيرًا، هل لأنه هو من وقع على صفقة الحصول على 8 مليارات دولار من أمريكا؟ مطالبًا بإعلان إجابات عن هذه التساؤلات حتى تتضح الحقائق أمام الشعب.
وأكد سفير روسيا بالقاهرة/ فلاديمير شيزهوف، أن موقف بلاده مما يحدث في مصر لا يبني على أساس الماضي، وإنما على أساس المستقبل، موضحًا أن روسيا تحلل ما يجري في مصر، وستعلن موقفها بناء على ما سيجري على صعيد الديمقراطية والمصالحة الوطنية وسيادة القانون. مؤكدًا رفض بلاده التدخل في الشئون الداخلية للدول، معبرًا عن أمله في نجاح مصر في تخطي المرحلة الراهنة.
وبشأن الوضع في سوريا قال: إن روسيا ترفض أي استخدام للقوة ضد سوريا، وأنه مخالف للقانون الدولي، وإذا حدث سيؤدي إلى مآسٍ على سوريا وعلى الآخرين، موضحًا أن موسكو قامت بشرح موقفها في اتصالات مع الأمريكان والأطراف المعنية. وأضاف أن الموقف الروسي من الأزمة له انعكاسات على مواقف الدول الأخرى التي ستفكر قبل القيام بالعملية العسكرية.
وأكد سفير المجر بمصر/ بيتركفيك، أن بلاده صديقة قديمة لمصر، وأنها حريصة على دعمها اقتصاديًا. وأضاف أن المجر تشجع تنفيذ خريطة الطريق والتي تتقدم بشكل جيد، وأضاف إنه من الجيد أنه تم الانتهاء من تعديل الدستور وتشكيل لجنة الخمسين. وقال إن المجر حريصة على دعم مصر اقتصاديًا واستثماريًا، وزيادة التعاون معها في كافة المجالات.
وأكد سفير الأردن في مصر أن بلاده لن تشارك في أي عمل عسكري ضد سوريا، ولن تكون معبراً لأي نشاط عسكري ضدها، مشيرًا إلى أن استخدام الأسلحة الكيماوية مرفوض ولابد من محاسبة من قام بذلك. وأضاف أن الأردن تأخذ استعداداتها لنتائج هذا العمل العسكري إذا حدث باعتبار أن سوريا جارة للأردن.
وقال نبيل زكي، المتحدث باسم حزب التجمع، إن موقف روسيا والصين وتأكيدهم على الحل السياسي للأزمة السورية يستحق الإشادة، وأشار إلى أن وزراء الخارجية العرب كان عليهم انتظار نتائج تقرير بعثة التفتيش الدولي بشأن التحقق من استخدام الأسلحة الكيماوية من عدمه، ومن الطرف الذي استخدمها، موضحًا أن الأمم المتحدة ذكرت في حالات سابقة أن المعارضة السورية هي من استخدمت السلاح الكيماوي، وأشار إلى أن تقارير روسية رصدت أن تنظيم القاعدة في العراق نجح في تطوير أسلحة كيماوية، وأنه من الممكن أن يكون نقلها إلى سوريا واستخدمتها المعارضة هناك.
وحذر زكي من أن العدوان على سوريا سيكرر تجربة غزو العراق تحت ذريعة أكذوبة وجود أسلحة دمار شامل بها، موضحًا أن الغزو الأمريكي أدى لتدمير الجيش والدولة العراقية، كما دمر الناتو الجيش والدولة الليبية التي أصبحت مقسمة الآن، وقال إن هذا ما سيتكرر في سوريا.
وأضاف أن الحرب في سوريا بدأت كمحاولة لإسقاط نظام بشار، وتحولت اليوم إلى حرب لإسقاط الدولة السورية ذاتها، وكشف عن أن هناك مقاتلين من 50 دولة يقاتلون في سوريا تقوم قطر بتمويلهم وشراء أسلحة لهم ونقلها عبر تركيا برعاية أمريكية.
وقال إن ما يحدث في سوريا له علاقة بمصر والتي يحيطها تنظيم القاعدة بها من كافة الجهات من الجنوب في اليمن ومن الشرق في بلاد الشام والعراق ومن الغرب في شمال أفريقيا، وأن هذه التنظيمات على تواصل فيما بينها، مشيرًا إلى أن وزارة الدفاع العراقية صرحت بأن تنظيم القاعدة في سيناء طلب من تنظيم القاعدة في العراق المساعدة ضد الجيش في مصر وضد الأقباط والعلمانيين.
واتهم زكي الحكومة بأنها تتهيب من رد الفعل الغربي وتأخذ موقفا دفاعيا، بينما نحن في مركز قوة، وقال إنه لا يجب أن نبالي بموقف الولايات المتحدة التي قتلت الآلاف في العراق وأفغانستان.