هناك اتفاقيات تمت على مستوى القارة منها: الساحل والصحراء، الكوميسا، 5+5، وهناك اتحادات وتكتلات فى الجنوب برغم أنها دول داخلية ليس لها منفذ أو ميناء. لكن القارة تحتاج إلى فكر مختلف. ومادامت هناك منافع لدول كبرى سيستمر الصراع من أجل الغاز أو البترول أو اليورانيوم الذى أصبح نادرا على مستوى العالم ويستخدم فى الصناعات النووية. وهنا علينا أن ندرك أكبر مشكلة تواجهنا فى مسألة المنافسة، وهى أن التكنولوجيا لدينا لم تصل لكيفية تعظيم القيمة المضافة، لذلك نحتاج أن تعمل مراكز الأبحاث والجامعات بجدية.
فالساحل الشمالى فى القارة مثلا يستطيع عمل طاقات شمسية وتصديرها لأوروبا، كما أن مختلف الدول الأوروبية تركزت هناك فكثير من دول القارة كانت تخضع بها فى سنوات الاحتلال، وما زالت تلك الدول، الإفريقية تتحدث باللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
وبالطبع ستكون هناك مقاومة من أصحاب المصالح داخل تلك الدول الإفريقية. لكن سيتحدد الفائز بناء على الضغط السياسى والمنافع التى ستوفرها للشريك الآخر.
كرجل اقتصاد وصناعة.. ما الدور المطلوب من رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى والدور الاجتماعى لمؤسسة محمد أبو العينين فى تحقيق التقارب بين الشعوب الإفريقية؟
رجال الأعمال عليهم مسئولية كبيرة تتجسد أولا فى كيفية خلق سوق والوجود فيه بمنتجاتهم وخدماتهم. ولدينا مثال حى وقوى هى المقاولون العرب التى تواجدت فى مختلف الدول الإفريقية ووثقت علاقاتها داخلها من خلال مشروعات مفيدة جعلت للشركة مصداقية عالية.
مصانعنا أيضا حققت تلك المصداقية من خلال منتجاتنا التى طلبت منا فى مختلف تلك الدول. وكنت كذلك أتقدم بالتكنولوجيا وأرسلت العديد من الخبرات والفنيين للدول التى طلبت منا ذلك. كصاحب مصنع كانت السوق الإفريقية مهمة لنا، ونجحت فى إيجاد وكلاء وموزعين لنا داخل القارة وأصبحنا نصدر لأكثر من 22 دولة إفريقية. بالقطع تواجهنا مشكلات النقل. وهذا ما يجعلنا نطالب دوما بوجود خطوط نقل منتظمة. خصوصا فى النقل البحرى لأنه أرخص وأقصر وهذا يحتاج إلى دعم دول.
وهنا ألفت الانتباه إلى جيبوتى التى تنفذ بها الصين حاليا ميناء ضخما، حتى تستطيع عمل مركز تسويقى ممتد إلى الدول المحيطة بجيبوتى وهى دول كثيفة السكان، الوجود الصينى فى القارة مكثف، وسيزيد كثافة مع الانتهاء من تنفيذ طريق الحرير وهو موجه أساسا لإفريقيا.. والواقع أن مشروع طريق الحرير وضع ونفذ وفق فلسفة رفيعة المستوى، حيث قامت الصين بإنشاء بنك متخصص وضع به الميزانية المطلوبة لذا تم تنفيذه فى وقت قياسي. ومن المنتظر أن تستخدمه الصين لتوزيع منتجاتها فى 62 دولة، وكل محطة بها استثمار وخدمات من وإلى الصين.
والمفترض أن تفكر مصر فى كيفية الاستفادة من طريق الحرير والتخطيط لترويج منتجاتنا وفق رؤية تجذب المستثمر .
كيف يمكن لمصر أن تخلق شبكة منافع متبادلة بين مصر وإفريقيا.. أى كيف يمكن ربط الاستثمارات الإفريقية بمصر؟
الفترة المقبلة تحتاج إلى رؤى جديدة بناء على دراسة السوق الإفريقية، كرجال صناعة علينا الاستفادة فى مختلف الخبرات فى مختلف الدول الأوروبية وغير الأوروبية. القطاع الخدمى نجح – كما ذكرت «المقاولون العرب» – وهناك قطاعات أخرى يمكنها النجاح فى إفريقيا، بعض اللبنانيين يلعبون بالمليارات فى دول إفريقية مختلفة فى مجالات الألماس والذهب. ونحن لدينا خبرات فى الغاز والبترول يمكن استغلالها.
وأعتقد أن التجارة الإلكترونية لم تأخذ حظها حتى الآن، فالاقتصاد الرقمى من شأنه أن ينقل التعاون العربى العربى والعربى الإفريقى نقلة أخرى.
ومن الممكن – من قبيل دعم الصادرات – أن نأخذ أرضا ونقيم معرضا دائما للمنتجات المصرية، وهذا مرحب به من كل الدول الإفريقية وقد يكون اختيارنا لإحدى الدول يغذى الدول المحيطة بتلك الدولة على أن تكون مصحوبة بأنشطة فنية وثقافية، ويمكن أن يكون ذلك المعرض متنقلا وتسبقه عملية تسويق إعلامى كبيرة، كما أنه لابد من تسويق منتجات جيدة وليس التعامل مع السوق الإفريقى بوصفه سوقاً فقيراً نقدم له أردأ المنتجات.
هل يمكننا تطبيق تجربة المستثمر الصغير فى إفريقيا التى طبقتها الصين منذ سنوات؟
كمستثمرين نحن فى حاجة إلى سوق مستقرة، فنحن نريد التعامل مع جهات لها مصداقية.
استثماراتك متعددة ولك رؤية خاصة.. ما رأيك فى الاستثمار الأخضر خصوصا فى إفريقيا؟
لقد نوعنا المحفظة الاستثمارية، وكان التحدى يتجسد فى إحساسى بالمسئولية إزاء تعمير الصحراء .كنت أول من أقام مصنعا فى مدينة العاشر من رمضان، ثم أول من توجه إلى العين السخنة، ثم شرق العوينات، حيث اتخذنا قرار الزراعة بها، ولم يكن هناك طريق ولا قطار.. لكننا قبلنا التحدى.. أنا سعيد باقتحام الصحراء لإقامة أنشطة زراعية وصناعية وسياحية.. صحيح أننى خسرت كثيرا فى شرق العوينات لكنى سعيد لأنى أسهمت فى تحقيق الأمن الغذائى المصرى.
عند الحديث عن إفريقيا تواجهنا مشكلة، هى أن المنتج الأخضر رخيص، وحتى نستطيع إقامة صناعة بناء عليه فلابد أن تكون الصناعة بجوار مكان الزراعة، فتكلفة النقل تزيد من تكلفة الاستثمار كثيرا.. ففى شرق العوينات – على سبيل المثال – نضطر إلى رفع المياه من عمق يصل إلى 350 مترا وهو ما يرفع التكلفة كثيرا.
وهذا يأخذنى – فى واقع الأمر – إلى الفكر المتكامل الذى يخطط له الرئيس السيسي، الذى بدأ يعالج كل الآلام والأوجاع التى شعرنا بها فى الماضى بأن يجد لها علاجا دائما لا وقتيا. فكر جديد عماده «ازرع واصنع» والفلاح والمصنع حول المزرعة واختار الأماكن، لقد أرسى أسس منظومة زراعية مدروسة لا عشوائية حتى يتكامل المجتمع مع بعضه.
دعنا ننتقل إلى الاستثمار فى المجال الإعلامي.. فى الصين تم تنفيذ أكبر شبكة إعلامية متخصصة فى إفريقيا.. مهدت بها الصين الأرض لاستقبال الاستثمارات الصينية فى القارة.. هل رجال الأعمال فى مصر مثل المهندس أبو العينين، بإمكانهم القيام بهذا الدور ولو بشكل جزئي؟
فى العام الماضى اجتمعت مع أكثر من 100 شخصية إعلامية إفريقية للتحدث حول هذا الشأن، وحول صعوبات تنفيذ الفكرة، ومنها أن سكان القارة يتحدثون لغات مختلفة بالإضافة الى لهجات محلية.
وبالتالي، فإن تأسيس منظومة إعلامية تخاطب كل تلك الفئات يحتاج إلى عمل حكومى فى المقام الأول يليه تدخل القطاع الخاص.
لأول مرة يتم اختيار رجل من القطاع الخاص أمينا للجنة الحكماء فى المجلس الاقتصادى بجامعة الدول العربية.. ما الدور الذى يمكن أن تقوم به نحو تحقيق التكامل العربى؟
لقد سعدت بالاختيار وشعرت أنه من واجبى أن أدفع فى طريق التعاون العربى من خلال مختلف الفاعليات، أما الحلم العربى فهو يتحقق ببطء ولم يعد بقوته وسخونته خلال العشرين سنة الماضية، فوفق البرنامج الزمنى للتدرج فى التعاون العربى العربى كان من المفروض أن يكون هناك اتحاد جمركى وهو ما لم يتحقق لعدة أسباب منها الظروف السياسية، وهو ما حدا بسوريا – على سبيل المثال – إلى إصدار قرار بحظر السيراميك المصري، وهو قرار سياسى بحت. وبعض الدول الأخرى تعوق انسيابية حركة التجارة بقرارات مختلفة كرسوم وغيرها، هذا يعرقل منظومة العمل العربى، كما أن التجارة البينية العربية عشر التجارة العالمية.